مجلة أمريكية: الجزائر في حاجة لتحرير ثان من حكامها المستبدين

نشرت مجلة “فورين بوليسي”  الأمريكية مقالا للصحافي والكاتب فرنسيسكو سيرانو، تحت عنوان “الجزائر بحاجة لتحرير ثان”، حيث قال ذات الكاتب إن الجزائر في حاجة لتحرير ثان من حكامها المستبدين المسنين.

وكتب الكاتب الأمريكي، أن الرئيس  الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة تحول بسبب تغيبه المتكرر عن المشهد العام ومرضه الطويل لموضوع شائعات ونكات. ولهذا عندما أعلن عن وفاته في شتنبر 2021 عن عمر 84 عاما، بدأت معظم الوسائل الإعلامية نعيها وحديثها عن مسيرة الرئيس الراحل بتذكير القراء والمشاهدين والمستمعين بأن الوفاة هذه المرة حقيقية.

وترك بوتفليقة الذي حكم الجزائر 20 عاما قبل أن يجبر على التنحي عبر حركة احتجاج شعبي عام 2019، الجزائر في حالة من الفوضى. وحتى لا نعمم في الكلام، فعلينا ألا ننسب كل مشاكل الجزائر إليه، ولكنه كان موجودا هناك منذ البداية، عندما تحول مصير أمة استقلت حديثا وناشطة إلى دولة عسكرية مستبدة.  وبعد نصف قرن، عندما أدار الدولة لم تكن الحكومات المتعاقبة قادرة على تحويل الثروة النفطية الجزائرية إلى ازدهار. وكان بوتفليقة طوال مسيرته السياسية نتاجا للنظام الحاكم ومصدرا لفشلها.

ويشير الكاتب إلى أن حكم بوتفليقة البائس مثل الضربة الأخيرة لما تبقى من الشرعية التي زعم النظام الجزائري الغامض أنه يملكها. ومنذ سقوط بوتفليقة، قبل عامين، لم يتمكن حكام البلد من إعطاء مظهر الاستقرار الذي اعتمدوا عليه في العقود الماضية لتقديم صورة عن حكم قوي.

وفي الوقت الذي خرج فيه الجيل الجزائري الجديد إلى الشوارع متسائلا وبطريقة غير مسبوقة عن حيوية وشرعية الوضع الراهن، اتضح شيء واحد عن مستقبل البلد: كان فشل عهد بوتفليقة هو الذي أوصلهم إلى الوضع الذي يعيشونه اليوم.

ففي 1956 انضم بوتفليقة الشاب، لم يتجاوز عمره الـ 19 عاما إلى جيش التحرير الوطني، وهو الذراع العسكرية لجبهة التحرير الوطني (فلان) والتي قاتلت ضد الإستعمار الفرنسي. وسواء أطلق بوتفليقة رصاصة واحدة أم لم يطلق، فهذا متنازع عليه، إلا أن بدايته المبكرة مرتبطة بهواري بومدين، الذي قاد قوات جيش التحرير الوطني في الخارج والتي كانت في المغرب وتونس، ووضع بوتفليقة تحت جناحه. وبعد الاستقلال عام 1962، دخلت قوات بومدين الجزائر ودعمت أحمد بن بله، أحد قادة الفلان ليصبح أول رئيس بعد الاستقلال. وكانت هذه اللحظة التأسيسية لنظام غير ليبرالي، لحظة أدت لتصفية معظم الرموز التاريخية لحركة الاستقلال وإنشاء نظام الحزب الواحد بقيادة جبهة التحرير الوطني. فالأمة التي تحررت من الاستعمار دخلت مباشرة تحت حكم عسكري.

وكان بوتفليقة ومن لحظة البداية جزءا من هذا. وفي سن الـ 25 عاما أصبح بوتفليقة وزيرا للشباب في حكومة بن بله وبعد عام أصبح وزيرا للخارجية. وفي عام 1965 وعندما كان بومدين نائبا للرئيس تحرك ضد بن بله في انقلاب عسكري اعتمد فيه على دعم بوتفليقة والمخابرات.

وظل بوتفليقة وزيرا للخارجية مدة 16 عاما، وحتى عام 1979. وعمل في هذه الفترة على تعزيز مكانة الجزائر كزعيمة لحركة دول عدم الانحياز. وتحولت الجزائر في فترة الستينات والسبعينات إلى مركز للثوريين ومقاتلي الحرية من كل أنحاء العالم وقدمت نفسها كدعامة في عملية الكفاح ضد الاستعمار. وفي الحقيقة كان هناك نظام ديكتاتوري حكمه رجال انتظر معظمهم في الخارج بعيدا عن الحرب وتخلوا عن أي التزام للتشاركية السياسية واستولوا على السلطة بعد عودتهم.

وبعد وفاة بومدين في 1978، كان بوتفليقة مرشحا لخلافته، لكن الجيش قرر تعيين مرشح آخر، وهو العقيد شاذلي بن جديد. وبحلول عام 1981 تم تجاوز بوتفليقة في الترفيعات واتهم باختلاس ملايين الدولارات أثناء عمله كوزير للخارجية. وتجنبا لأي تداعيات غادر الجزائر وأقام عدة سنوات في المنفى بالإمارات العربية المتحدة وفرنسا وسويسرا

زر الذهاب إلى الأعلى