المملكة المغربية بين ميزان الهجرة والضغوط الدولية

الدكتور عذاب العزيز الهاشمي

تعتبر المغرب من الدول التي تعد بوابة أوربا نظرا للبعد الجغرافي  المميز، والذي جعل العديد من الشباب العربي والأفريقي يفكر في الهجرة عبر هذة البوابة، الأمر الذي سلط الضوء على مجموعة تساؤلات.

ما هو الدور الرسمي المغربي في مواجهة هذة الظاهرة؟ وما هي السياسات التي اتخذتها المغرب في مواجهتها وفقا للقوانين الدولية؟ ولماذا الأورببيون يلومون المغرب؟ وهل المغرب قادر لوحدة في مواجهة ظاهرة الهجرة لوحده التي عمت أغلب دول العالم؟  ولماذا في هذا الوقت بالذات بدأت أوروبا توجه أصايع الاتهام للسلطات المغربية في تهاونها في مواجهة الهجرة؟

في البداية نود الاشارة الى الأزمة بين المغرب وإسبانيا دخلت منعرجا جديدا بعد إصدار البرلمان الأوروبي قراراً الخميس (العاشر من يونيو/حزيران 2021) أعلن فيه “رفضه استخدام المغرب للمراقبة الحدودية والهجرة وخصوصا القصّر غير المرافقين، كآلية ضغط ضد الاتحاد الأوروبي”.

وفي الوقت الذي يبقى فيه القرار سياسياً بالأساس نظراً لأن الإجراءات التي ينادي بها البرلمان الأوروبي لا تلزم بقية مؤسسات الاتحاد، بيدَ أن القرار قد لا يظهر مفاجئاً، إذ سبق للمفوضية الأوروبية أن أعلنت أن الاتحاد “لن يخضع لأيّ إملاءات أو أي ضغوط”، كما صرّح نائب رئيسة المفوضية مارغاريتيس شيناس أن “أوربا لن تسمح لأحد بترهيبها”، وذلك بعد تدفق آلاف المهاجرين من المغرب إلى مدينة سبتة، في سياق توتر مغربي-إسباني .

حيث جاء الرد الرسمي المغربي  في بيان لوزارة الخارجية، إذ شدّد على أن الأزمة توجد بين المغرب وإسبانيا وليس مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن “توظيف البرلمان الأوروبي في هذه الأزمة له نتائج عكسية”، و “يندرج ضمن منطق المزايدة السياسية قصيرة النظر”، كما اعتبر أن ما جرى “مناورة لا تنطلي على أحد، تهدف إلى تحويل النقاش عن الأسباب العميقة للأزمة”.

كما انتقدت الخارجية المغربية قرار البرلمان، وقالت إنه “يتنافى مع السجل النموذجي للمغرب فيما يتعلق بالتعاون في مجال الهجرة مع الاتحاد الأوروبي” وكذلك مع “روح الشراكة بين الطرفين”، بل “يضعف مبدأ هذه الشراكة”,  وأورد البيان أن المغرب “ليس في حاجة إلى ضمانة في إدارته للهجرة. ولم يعد مقبولا وضع الأستاذ والتلميذ. فالوصاية طريق مسدود”, وكذلك أعرب البرلمان المغربي، عن استنكاره لمضمون قرار تبناه نظيره الأوروبي يتهم المملكة باستخدام المهاجرين القصّر «أداة للضغط السياسي»، بعد تدفق آلاف المهاجرين مؤخراً إلى جيب سبتة الإسباني في سياق أزمة دبلوماسية بين البلدين.

ومن جانب اخر أعلن البرلمان العربي رفضه القاطع للقرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي بخصوص سياسات المملكة المغربية تجاه قضية الهجرة, وأكد على أن هذا القرار، وما تضمنه من انتقادات واهية واتهامات لا أساس لها من الصحة، يمثل ابتزازًا وتسييسًا مرفوضًا لجهود المغرب في مواجهة مشكلة الهجرة غير المشروعة,  واستنكر إقحام البرلمان الأوروبي نفسه في أزمة ثنائية بين المغرب وإسبانيا يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية.

كما أعلن هذا الموقف التضامني خلال الاجتماع الذي عقده البرلمان العربي، في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة واشاد في الوقت نفسه بالجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة المغربية في مكافحة الهجرة غير المشروعة، والتي تنطلق من إرادة سياسية قوية، وتوجيهات مباشرة من العاهل المغربي محمد السادس، بوصفها رائدة  في مواجهة للهجرة و حل الإشكاليات المتعلقة بالموضوع في إفريقيا, وأشار البرلمان العربي على أن استضافة المغرب للمؤتمر الدولي الذي شهد اعتماد الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية في كانون الأول/ ديسمبر 2018، وكذلك استضافته للمرصد الإفريقي للهجرة في كانون الأول/ ديسمبر 2020، واعتماد الاتحاد الإفريقي للأجندة الإفريقية للهجرة التي جاءت كمبادرة من العاهل المغربي، هي حقائق تؤكد وترسخ الجهود الوطنية والإقليمية والدولية التي تبذلها الرباط في مجال حوْكمة الهجرة، وتفنّد في الوقت ذاته المزاعم والادعاءات الباطلة التي تضمنها قرار البرلمان الأوروبي.

وكما أعلن البيان الرفض التام للنهج الاستعلائي غير المقبول الذي يتبعه البرلمان الأوروبي في التعامل مع القضايا التي تتعلق بالدول العربية، من خلال إصدار قرارات تتناقض مع متطلبات الشراكة الاستراتيجية المنشودة بين الدول العربية والدول الأوروبية. وطالب البرلمان الأوروبي بالتخلي عن هذه الممارسات الاستفزازية، وتبني مواقف عملية ومسؤولة، تعزز التعاون والتنسيق المشترك بين الدول العربية والأوروبية.

و من جهة اخرى دعا البرلمان العربي إلى بلورة خطة عمل عربية موحدة ومتكاملة، لمواجهة مثل هذه المواقف غير المسؤولة للبرلمان الأوروبي، وعلى نحو يضمن احترام سيادة الدول العربية، وعدم التدخل في شؤونها، كما وجه الدعوة للاتحاد البرلماني الدولي وبرلمان البحر الأبيض المتوسط والجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وكافة البرلمانات الإقليمية، من أجل رفض وإدانة هذا القرار الذي يتعارض مع قواعد الدبلوماسية البرلمانية المتعارف عليها دوليًا، وفق ما جاء في البيان.

ومن أقوى المواقف الأخرى التي تضمنها بيان البرلمان العربي التأكيد على عروبة مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين والجزر المغربية المحتلة، وضرورة فتح هذا الملف باعتباره من مخلفات الحقبة الاستعمارية, وجددت المؤسسة البرلمانية العربية التأكيد على موقفها الثابت والدائم بشأن التضامن التام مع المغرب، وكلّفت رئيسها باتخاذ ما يراه مناسبًا من الإجراءات لدعم ومساندة الرباط في الرد على هذا القرار.

وأوضح البرلمان العربي أن القرار الذي اتخذه تجاه المغرب يأتي انطلاقًا من مسؤوليته في التضامن مع الدول العربية، ومواجهة كل ما يسيء إليها أو يستهدف التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية.

ومن جانبنا نقول أن القرار الذي صدر عن البرلمان الأوروبي بشأن المغرب يتناقض بشكل صارخ مع مبدأ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها ويتعارض مع أسس ومتطلبات الشراكة العربية الأوروبية المنشودة في التعامل مع القضايا والتحديات المشتركة، وفي مقدمتها قضية الهجرة , و أن ما يؤكد الجهود الكبيرة للمملكة المغربية في مجال الهجرة، اختيار العاهل المغربي محمد السادس كرائد  في مواجهة الهجرة في إفريقيا من قِبل الاتحاد الإفريقي، فضلًا عن اقتراح جلالته بإنشاء المرصد الإفريقي للهجرة، والذي تبناه الاتحاد الإفريقي، وجرى تدشينه رسميًا وافتتاح مقره في المملكة المغربية في نهاية عام 2020، وكذلك المبادرة الملكية التي اعتمدها الاتحاد الإفريقي، بشأن الأجندة الإفريقية للهجرة كما ذكرنا سابقا وان الحكومة المغربية ضمن سياسة متوازنة تقوم بإجراءت إستثنائية في مواجهة ظاهرة الهجرة من خلال عدة برامج  وأليات عمل كانت ولازلت مميزة في عيون العالم .

وأخيرا  يجب الأشارة الى الجهود المكثفة التي تبذلها المملكة المغربية في مكافحة الهجرة غير المشروعة، والتي تنطلق من إرادة سياسية قوية، وتوجيهات مباشرة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بوصفه رائدا لحل إشكاليات الهجرة في إفريقيا , لهذا ندعو  كلا من الاتحاد البرلماني الدولي وبرلمان البحر الأبيض المتوسط والجمعية البرلمانية للأتحاد من أجل المتوسط وكافة البرلمانات الإقليمية إلى رفض وإدانة هذا القرار، الذي يتعارض مع قواعد الدبلوماسية البرلمانية المتعارف عليها دوليا أنصافا للدور المغربي  في سياساتة النوعية والمميزة .

 

زر الذهاب إلى الأعلى