باحث يقارب مجاعات وأوبئة سوس وواد نون

صدر للباحث محمد أيت جمال كتاب عنونه بـ”الأوبئة والمجاعات بسوس وواد نون (1900م – 1945م)، التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للجنوب المغربي”، وهو في الأصل أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ، نوقشت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، تناول فيها مختلف الأوبئة والمجاعات التي عرفها مجال الدراسة خلال النصف الأول من القرن العشرين.

وقسم الباحث الكتاب إلى ثلاثة أبواب، مع مقدمة وخاتمة وملاحق، فعنون الباب الأول بالمجاعات والأوبئة بسوس وواد نون، وقسمه إلى ثلاثة فصول، تناول في الفصل الأول الأزمات والقضايا المرتبطة بها، وعدّد في الفصل الثاني المجاعات والأوبئة التي عرفتها منطقتا سوس وواد نون.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1608049251753-0’); });

أما في الباب الثاني فتناول الكاتب الأسباب المفسرة لحدوث الأزمات، مركزا على مساهمة الإنسان والمجال، فتحدث في الفصل الأول عن محدودية المؤهلات الطبيعية ومحاولات التجاوز، وفي الفصل الثاني عن اقتصاد الكفاف وطموح السكان إلى التكيف مع واقع الخصاص لتحقيق الاكتفاء، وكان موضوع الفصل الثالث الأوضاع السياسية والاجتماعية أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وأثرها على معيش السكان؛ بينما عنون الباب الثالث بوقع المجاعات والأوبئة على السكان ومحاولات التجاوز، فقسمه إلى ثلاثة فصول، تناول في الأول نتائج أزمات ما قبل الاحتلال، وفي الثاني ردود فعل السكان ومحاولات التجاوز، وفي الثالث نتائج الأزمات زمن الاحتلال.

ونقرأ في تظهير الكتاب بقلم محمد بازي أن هذا العمل يقدم أنموذجا علميا حيا ينهل من علوم شتى؛ فهو يتناول بذكاء معرفي موضوعا دقيقا عن تفاعل التاريخ والمجال والثقافة، لتبيان ألوان هذا التفاعل وأدوار كل عامل في تشكيل مجموع وقائع الفترة الممتدة ما بين 1900 و1950م، لكنها في الحقيقة ممتدة -كما تسمح بذلك القراءة المُؤَوّلة الواعية والمنفتحة- إلى ما هو أقدم من ذلك، بل لها تبعات قوية في واقعنا المعاصر؛ وقد تمكَّن بوعي نقدي متيقظ من تبيُّن مواطن النقص في المؤلفات والدراسات التاريخية والمونوغرافيات السابقة، فعمِل على تجاوز ذلك وَفْق نسق تحليليي ناظم مع مسحة أدبية تأثرا بالميولات الجمالية لصاحبه.

ويزيد بازي متحدثا عن كتاب أيت جمال أنه “عمل تميز بالإحاطة الوصفية والموضوعية العلمية، والضبط التوثيقي، وقد أنفق _ كما يشهد بذلك عمله _ سنوات طوال من البحث والتنقيب والمساءلة، ثم الترتيب والجمع والتأليف”، مضيفا أن الباحث “لم يكن يتعجل تحرير ما يصل إليه، بل انتهج سبيل البحث الاستقصائي والنقدي، وانتقل زائرا للخزانات العلمية، ومجامع المخطوطات، وتمهل في تجميع الوثائق الضرورية، وكُتب التراجم والمناقب والنوازل، وأدب الطواعين، والوثائق المخزنية، والمراسلات الخاصة التي تتصل بمرحلة الدراسة، كما استفاد من المجلات والجرائد الصادرة آنذاك، ومن كل ما أتيح له الاطلاع عليه”، ومؤكدا في السياق نفسه أنه “لما اجتمعت ونُظِّمت تلك الموارد الثمينة، فُحِصت بتأمل نقدي عالِم، فقدمت بتنسيقها وقوة لغتها صورة واضحة وافية عن المغرب أوائل القرن العشرين من حيث التحولاتُ السياسية والتاريخية والأحوال الاجتماعية والتقلبات المناخية”.

The post باحث يقارب مجاعات وأوبئة سوس وواد نون appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى